بحـث
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 69 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 69 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 312 بتاريخ الإثنين مارس 13, 2023 10:44 am
الفن والحقيقة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الفن والحقيقة
الفن والحقيقة
من خلال افلاطون ونيتشة او حقيقة الفن بين "الجوهر" و"المظهر"
ما نشاهده من صور تضخ يوميا في هذا العالم الافتراضي والعالم المادي ( الشوارع وكل ميادين الاحتفالات ) ، ما نشاهده من صور للجسد الانثوي في كل وسائل الاتصال التي استحالت إلى وسائل انعزال بتعبير هبرماس ، ما نشاهده او قل ما يُفرض علينا او ما نطلبه اذا افترضنا ان الاغتراب مس العمق الانساني ( ماركيز) كل هذا الكم الهائل من الصور ما علاقته بالجمال الفني او الجمال الطبيعي ؟ ما علاقته بالحقيقة؟ هل هذه الاجساد المعروضة للاستهلاك في وسائل اعلامية تغسل العقل الانساني اجساد جميلة ؟ هل هناك ابداع فني ؟ ام توهم الابداع الفني ؟ما الهدف / الغاية من العمل الفني ؟ هل الفن ينشد الى "المظهر" ام "الجوهر" ؟ وهل "المظهر " تعبير عن الوهم ام الحقيقة ؟ وهل لا سبيل لخلاص الانساني من الاوهام الفنية اذا افترضنا ان الفن منشئ للوهم ويجب اقصاءه من الجمهورية الفاضلة ؟الم يقترح افلاطون تدريبا تدرجيا للخروج من الوهم الى الحقيقة ؟ فلا سبيل الى بلوغ الجمال الحقيقي الا بتجاوز الجمال الحسي وهذا التدرج حتي لا يرفض السجين عملية التحرر لان اخراج الانسان من الجمال الحسي / حضارة الصورة / مجتمع المشهد الى الجمال المثالي / الحقيقي فجاة او دفعة واحدة سيؤدي الى عكس المنشود .
كل هذه الأسئلة تكشف عن مسالة بحث فيها أفلاطون منذ أكثر من 25 قرنا يقول افلاطون في كتاب الجمهورية :" والان لنبحث هذه المسالة : ما الهدف الذي يستهدفه الرسام بالنسبة الى كل شئ ؟ اهو محاكاة شئ حقيقي كما هو موجود او شئ ظاهر كما يظهر ؟ اهو يقلد المظهر ام الحقيقة ؟ تجدر الاشارة هنا الى ان الكاتب هاجم في الفصلين الثاني والثالث من كتاب الجمهورية نظرية المحاكاة في الشعر على وجه الخصوص ويستانف في هذا الاطار استهجانه للفن عامة متناولا بصفة خاصة الرسم .
ان الفن عموما هو”محاكاة للمظهر” و المحاكاة- يقول أفلاطون- بعيدة كل البعد عن الحقيقة، و يظهر أنها تتمكن من صنع جميع الأشياء لأنها تلمس جانبا صغيرا منها فقط، و ليس هذا الجانب إلا شبها منها: مثال ذلك أن المصور يرسم صانع الاسكافي أو النجار أو أي صانع آخر، مع أنه لا يعرف شيئا عن صنعتهم. و لكنه إذا كان فنانا بارعا استطاع أن يرسم النجار و يعرضه من بعيد فيخدع الصبيان و البسطاء حتى ليخيل إليهم أنهم يرون نجارا حقيقيا .
ان معضلة الفن تتمظهر من خلال تراوحه بين " الشئ كما هو موجود " و"الشئ كما يظهر" ، بين" المظهر" و"الجوهر" اذا تحدثنا بلغة اريك فروم فالفن حسب افلاطون " يحاكي شيئا ظاهريا " لذلك فهو لا يتصل بالاشياء الحقيقية وانما بمظاهر الاشياء وبالتالي فهو خلق للاوهام وليس للاشياء الحقيقة . ان هذه الممارسة البعيدة كل البعد عن الحقيقة " من الممكن الاتيان بها بسهولة ، حتى لو لم يكن المرء يعرف الحقيقة " ومن هنا وهم الابداع الفني اذ يعكس جهلا للحقيقة يقول افلاطون : " اذ انه يتعين على الشاعر المجيد ، اذا ما شاء ان يحسن تناول موضوعاته ، ان يعرفها اولا ، والا لما استطاع الكتابة عنها".لكن الا يمكن للمظهر لن يكون حاملا للحقيقة ؟ وهل من المشروع الحديث عن حقيقة الجمال في عالم اخر؟
يقول نيتشة فيلسوف المطرقة والقوة في كتابه هكذا تحدث زرادشت : " إني أحب الحياة وحدها حبا عميقا " إن الحب النيتشوي لا يتجه الى الحكمة التي تنتمي الى عالم المثل ، لا يتجه الى الخير والجمال والحقيقة في عالم السماء وانما هو حب منغرس في الارض ، انه حب الحياة ، حب الوجود المرتبط بعملية الاعلان عن "موت الاله" فلا يمكن ان اكون اله والاله موجود ، لا يمكن ان احب الحياة وانا منشد الى عالم ميتافيزيقي لا وجود له في نظر نيتشه بل ان ارادة هذا العالم الاخر هي ارادة للعدم فاذا كان سقراط وفيا للحقيقة الميتافيزيقية الى حد الموت فان الوفاء الحقيقي في نظر نيتشه هو الوفاء للارض يقول : " اناشدكم يا اخواني ان تظلوا اوفياء للارض " ، فاذا كان سقراط مات من اجل ما هو مثالي / الهي فانه يجب موت الاله من اجل ما هو انساني. ان هجوم نيتشه كان عنيفا على الميتافيزيقا والفلسفة التقليدية فهي صيغ او اشكال الانجطاط بل ان هؤلاء "ليسوا منحطين فقط بل ليسوا حكماء على الاطلاق ". ثمة اصنام يجب تحطيمها ، ضرورة افولها تحت ضربات المطرقة والانتقال من القيم المجردة الى قيم البهجة والرقص . ان الرقص يعبر عن نشوة ديونوزيسية لكن الرقص في الفضاء النيتشوي غير الرقص في الفضاءات العمومية يقول كارل ياسبرس : " لقد استخدم نيتشه وكيركيغارد صورة الرقص كمجاز يشيران به الى تفكيرهما ". ذلك هو تاريخ البشرية إما قيم الاقوياء وإما قيم الضعفاء ، إما الاحتفال بالحياة وإما وأدها ودفنها من اجل حياة أسمى . ان فلسفة نيتشة تقوم على حب الحياة واعلان للحرب ضد كل اعدائها وقيمة الجمال تتنزل في هذا الاطار فهذه القيمة لا تنتمي الى عالم اخر كما ذهب الى ذلك افلاطون وانما هي قيمة كامنة في الحياة " يَشمُخُ الفن حيثما يتقهقر الدين "( نيتشه ).
إن الفن ليس محاكاة للمظاهر فيكون ذا منزلة من الدرجة الثالثة كما هو الشان بالنسبة لافلاطون وانما هو تعبير عن الحياة. المظهر هو الحقيقة ليس زيفا أو وهما أو ظلا للحقيقة كما يذهب أفلاطون الذي أقصى الشعراء من جمهوريته. وبناء على ذلك تنقلب القيم مع نيتشه فما كان يعتبر زيفا مع افلاطون اصبح هو الحقيقة مع نيتشه وما كان يعتبر حقيقة مع افلاطون اصبح يعتبر زيفا مع نيتشه .وبالتالي تقوم النيتشوية بعملية قلب للافلاطونية من خلال رد الاعتبار للعالم الحسي بما هو عالم مدنس يجب ان تتخلص منه النفس من اجل بلوغ الحقيقة فللوصول للجمال الحقيقي يجب تجاوز الجمال الحسي بما هو نسخة / وهم / ظلال / مظهر بعيد كل البعد عن الحقيقة فأفلاطون يبين في "المأدبة" كيف يمكن أن نرتقي من الرغبة في الأجسام الجميلة إلى حب الأرواح الجميلة حتى ننتهي إلى تأمل الجمال في ذاته. الفن يجعل الحياة ممكنة بل وجديرة بأن تعاش، إنه خلاص ولكن ليس بالمعنى المسيحي طالما أنه ليس هروبا من رعب الوجود وعبثه: خلاص ليس بمعنى التعلق بحقيقة ما فوق الوجود الحسي وإنما بمعنى تحويل رعب الوجود وعبثه إلى مظاهر فنية يكون بموجبها هذا الرعب جميلا، وهذا العبث سخرية وضحكا، وهذا الألم انتشاء.يقول نيتشه في كتابه هو ذا الانسان :"من لا يتوقف عند حد استعاب عبارة " ديونوزوسي"، بل يستوعب نفسه ايضا ضمن هذه العبارة،لن يكون في حاجة الى تفنيد افلاطون او المسيحية او شوبنهاور، انه يشتم التعفن " لكن السؤال الذي يطرح ما مصير الفن بعد نيتشة فهل ما نشاهده اليوم هو احتفالات ديونوزيسية ام همجية ؟ أين الفن الذي سينقذنا من هيمنة الحقيقة العلمية ؟ الا يمكن الحديث عن اصنام جديدة في الفن تمجد قيم الضعفاء ضد قيم الاقوياء.
اذا سلمنا مع بودريار ان المجتمع المعاصر هو "مجتمع الاستهلاك " فان مصير القيم بوجه عام والجمال بوجه خاص لن يخرج عن هذا الاطار الاستهلاكي / المادي / المنفعي / السياسي /الاقتصادي / الراسمالي او حتى الاشتراكي . والملاحظ ان الجمال الذي ارتبط في بداياته بكهوف الانسان البدائي حيث الوصال بين الجمال والمعتقدات والاساطير والمنفعة يتورط في زمن المعاصرة في ما قيل انه تحرر منه من خلال الاعلان الهيجلي الشهير " قد مات الفن وولدت الاستطيقا " الا يرتبط الجمال المعاصر باساطير جديدة ومعتقدات جديدة والهة جديدة الم يقل روجي غارودي ان عصرنا لا يتميز بموت الالهة وانما بكثرة الالهة . ان مفهوم الجمال في الحياة المعاصرة ليس بربئا لذلك تسعى الفلسفة الى الكشف عن مستنداته السرية ان كانت سرية ، فالمجتمع الاستهلاكي أصبح يعاشر الجمال امام الملأ لكن الجمال الذي يحتفل به هذا الشكل الجديد من المجتمع هو الجمال الذي يخدم مصالحه ، انه الجمال الذي يخدم تلك المعادلة التي تحدث عنها ماركس: " يزداد العامل فقرا بقدر الزيادة في انتاج الثروة ونماء انتاجه حجما وقوة " (السند28 مسالة العمل) . اذا كانت اللغة سواء الاغريقية واللاتينية تعكس الارتباط بين الفن ووظائف اخرى ذلك ان الكلمة الواحدة تستعمل للتعبير عن كل من الصناعة والاثر الفني في نفس الوقت فهل تحرر علم الجمال اليوم من هذه الوظائف الاخرى وهل يمكن ان نفصل اصلا بين المعرفة والسلطة او تحالف البحث والقوة على حد عبارة ادغار موران ؟ كل هذه الاسئلة التي تتاسس على الراهنية تجعل من مفهوم الجمال مفهوما اشكاليا . المشكل لا يبرز فقط من خلال التصورات المختلفة للجمال بل يبرز ايضا وباكثر حدة في واقعنا المعاصر من خلال التقاطع بين هذا المفهوم ومفاهيم اخرى مثل العولمة والاغتراب والثورة والمقاومة والانساني واللاانساني والكثرة والوحدة .
من خلال افلاطون ونيتشة او حقيقة الفن بين "الجوهر" و"المظهر"
ما نشاهده من صور تضخ يوميا في هذا العالم الافتراضي والعالم المادي ( الشوارع وكل ميادين الاحتفالات ) ، ما نشاهده من صور للجسد الانثوي في كل وسائل الاتصال التي استحالت إلى وسائل انعزال بتعبير هبرماس ، ما نشاهده او قل ما يُفرض علينا او ما نطلبه اذا افترضنا ان الاغتراب مس العمق الانساني ( ماركيز) كل هذا الكم الهائل من الصور ما علاقته بالجمال الفني او الجمال الطبيعي ؟ ما علاقته بالحقيقة؟ هل هذه الاجساد المعروضة للاستهلاك في وسائل اعلامية تغسل العقل الانساني اجساد جميلة ؟ هل هناك ابداع فني ؟ ام توهم الابداع الفني ؟ما الهدف / الغاية من العمل الفني ؟ هل الفن ينشد الى "المظهر" ام "الجوهر" ؟ وهل "المظهر " تعبير عن الوهم ام الحقيقة ؟ وهل لا سبيل لخلاص الانساني من الاوهام الفنية اذا افترضنا ان الفن منشئ للوهم ويجب اقصاءه من الجمهورية الفاضلة ؟الم يقترح افلاطون تدريبا تدرجيا للخروج من الوهم الى الحقيقة ؟ فلا سبيل الى بلوغ الجمال الحقيقي الا بتجاوز الجمال الحسي وهذا التدرج حتي لا يرفض السجين عملية التحرر لان اخراج الانسان من الجمال الحسي / حضارة الصورة / مجتمع المشهد الى الجمال المثالي / الحقيقي فجاة او دفعة واحدة سيؤدي الى عكس المنشود .
كل هذه الأسئلة تكشف عن مسالة بحث فيها أفلاطون منذ أكثر من 25 قرنا يقول افلاطون في كتاب الجمهورية :" والان لنبحث هذه المسالة : ما الهدف الذي يستهدفه الرسام بالنسبة الى كل شئ ؟ اهو محاكاة شئ حقيقي كما هو موجود او شئ ظاهر كما يظهر ؟ اهو يقلد المظهر ام الحقيقة ؟ تجدر الاشارة هنا الى ان الكاتب هاجم في الفصلين الثاني والثالث من كتاب الجمهورية نظرية المحاكاة في الشعر على وجه الخصوص ويستانف في هذا الاطار استهجانه للفن عامة متناولا بصفة خاصة الرسم .
ان الفن عموما هو”محاكاة للمظهر” و المحاكاة- يقول أفلاطون- بعيدة كل البعد عن الحقيقة، و يظهر أنها تتمكن من صنع جميع الأشياء لأنها تلمس جانبا صغيرا منها فقط، و ليس هذا الجانب إلا شبها منها: مثال ذلك أن المصور يرسم صانع الاسكافي أو النجار أو أي صانع آخر، مع أنه لا يعرف شيئا عن صنعتهم. و لكنه إذا كان فنانا بارعا استطاع أن يرسم النجار و يعرضه من بعيد فيخدع الصبيان و البسطاء حتى ليخيل إليهم أنهم يرون نجارا حقيقيا .
ان معضلة الفن تتمظهر من خلال تراوحه بين " الشئ كما هو موجود " و"الشئ كما يظهر" ، بين" المظهر" و"الجوهر" اذا تحدثنا بلغة اريك فروم فالفن حسب افلاطون " يحاكي شيئا ظاهريا " لذلك فهو لا يتصل بالاشياء الحقيقية وانما بمظاهر الاشياء وبالتالي فهو خلق للاوهام وليس للاشياء الحقيقة . ان هذه الممارسة البعيدة كل البعد عن الحقيقة " من الممكن الاتيان بها بسهولة ، حتى لو لم يكن المرء يعرف الحقيقة " ومن هنا وهم الابداع الفني اذ يعكس جهلا للحقيقة يقول افلاطون : " اذ انه يتعين على الشاعر المجيد ، اذا ما شاء ان يحسن تناول موضوعاته ، ان يعرفها اولا ، والا لما استطاع الكتابة عنها".لكن الا يمكن للمظهر لن يكون حاملا للحقيقة ؟ وهل من المشروع الحديث عن حقيقة الجمال في عالم اخر؟
يقول نيتشة فيلسوف المطرقة والقوة في كتابه هكذا تحدث زرادشت : " إني أحب الحياة وحدها حبا عميقا " إن الحب النيتشوي لا يتجه الى الحكمة التي تنتمي الى عالم المثل ، لا يتجه الى الخير والجمال والحقيقة في عالم السماء وانما هو حب منغرس في الارض ، انه حب الحياة ، حب الوجود المرتبط بعملية الاعلان عن "موت الاله" فلا يمكن ان اكون اله والاله موجود ، لا يمكن ان احب الحياة وانا منشد الى عالم ميتافيزيقي لا وجود له في نظر نيتشه بل ان ارادة هذا العالم الاخر هي ارادة للعدم فاذا كان سقراط وفيا للحقيقة الميتافيزيقية الى حد الموت فان الوفاء الحقيقي في نظر نيتشه هو الوفاء للارض يقول : " اناشدكم يا اخواني ان تظلوا اوفياء للارض " ، فاذا كان سقراط مات من اجل ما هو مثالي / الهي فانه يجب موت الاله من اجل ما هو انساني. ان هجوم نيتشه كان عنيفا على الميتافيزيقا والفلسفة التقليدية فهي صيغ او اشكال الانجطاط بل ان هؤلاء "ليسوا منحطين فقط بل ليسوا حكماء على الاطلاق ". ثمة اصنام يجب تحطيمها ، ضرورة افولها تحت ضربات المطرقة والانتقال من القيم المجردة الى قيم البهجة والرقص . ان الرقص يعبر عن نشوة ديونوزيسية لكن الرقص في الفضاء النيتشوي غير الرقص في الفضاءات العمومية يقول كارل ياسبرس : " لقد استخدم نيتشه وكيركيغارد صورة الرقص كمجاز يشيران به الى تفكيرهما ". ذلك هو تاريخ البشرية إما قيم الاقوياء وإما قيم الضعفاء ، إما الاحتفال بالحياة وإما وأدها ودفنها من اجل حياة أسمى . ان فلسفة نيتشة تقوم على حب الحياة واعلان للحرب ضد كل اعدائها وقيمة الجمال تتنزل في هذا الاطار فهذه القيمة لا تنتمي الى عالم اخر كما ذهب الى ذلك افلاطون وانما هي قيمة كامنة في الحياة " يَشمُخُ الفن حيثما يتقهقر الدين "( نيتشه ).
إن الفن ليس محاكاة للمظاهر فيكون ذا منزلة من الدرجة الثالثة كما هو الشان بالنسبة لافلاطون وانما هو تعبير عن الحياة. المظهر هو الحقيقة ليس زيفا أو وهما أو ظلا للحقيقة كما يذهب أفلاطون الذي أقصى الشعراء من جمهوريته. وبناء على ذلك تنقلب القيم مع نيتشه فما كان يعتبر زيفا مع افلاطون اصبح هو الحقيقة مع نيتشه وما كان يعتبر حقيقة مع افلاطون اصبح يعتبر زيفا مع نيتشه .وبالتالي تقوم النيتشوية بعملية قلب للافلاطونية من خلال رد الاعتبار للعالم الحسي بما هو عالم مدنس يجب ان تتخلص منه النفس من اجل بلوغ الحقيقة فللوصول للجمال الحقيقي يجب تجاوز الجمال الحسي بما هو نسخة / وهم / ظلال / مظهر بعيد كل البعد عن الحقيقة فأفلاطون يبين في "المأدبة" كيف يمكن أن نرتقي من الرغبة في الأجسام الجميلة إلى حب الأرواح الجميلة حتى ننتهي إلى تأمل الجمال في ذاته. الفن يجعل الحياة ممكنة بل وجديرة بأن تعاش، إنه خلاص ولكن ليس بالمعنى المسيحي طالما أنه ليس هروبا من رعب الوجود وعبثه: خلاص ليس بمعنى التعلق بحقيقة ما فوق الوجود الحسي وإنما بمعنى تحويل رعب الوجود وعبثه إلى مظاهر فنية يكون بموجبها هذا الرعب جميلا، وهذا العبث سخرية وضحكا، وهذا الألم انتشاء.يقول نيتشه في كتابه هو ذا الانسان :"من لا يتوقف عند حد استعاب عبارة " ديونوزوسي"، بل يستوعب نفسه ايضا ضمن هذه العبارة،لن يكون في حاجة الى تفنيد افلاطون او المسيحية او شوبنهاور، انه يشتم التعفن " لكن السؤال الذي يطرح ما مصير الفن بعد نيتشة فهل ما نشاهده اليوم هو احتفالات ديونوزيسية ام همجية ؟ أين الفن الذي سينقذنا من هيمنة الحقيقة العلمية ؟ الا يمكن الحديث عن اصنام جديدة في الفن تمجد قيم الضعفاء ضد قيم الاقوياء.
اذا سلمنا مع بودريار ان المجتمع المعاصر هو "مجتمع الاستهلاك " فان مصير القيم بوجه عام والجمال بوجه خاص لن يخرج عن هذا الاطار الاستهلاكي / المادي / المنفعي / السياسي /الاقتصادي / الراسمالي او حتى الاشتراكي . والملاحظ ان الجمال الذي ارتبط في بداياته بكهوف الانسان البدائي حيث الوصال بين الجمال والمعتقدات والاساطير والمنفعة يتورط في زمن المعاصرة في ما قيل انه تحرر منه من خلال الاعلان الهيجلي الشهير " قد مات الفن وولدت الاستطيقا " الا يرتبط الجمال المعاصر باساطير جديدة ومعتقدات جديدة والهة جديدة الم يقل روجي غارودي ان عصرنا لا يتميز بموت الالهة وانما بكثرة الالهة . ان مفهوم الجمال في الحياة المعاصرة ليس بربئا لذلك تسعى الفلسفة الى الكشف عن مستنداته السرية ان كانت سرية ، فالمجتمع الاستهلاكي أصبح يعاشر الجمال امام الملأ لكن الجمال الذي يحتفل به هذا الشكل الجديد من المجتمع هو الجمال الذي يخدم مصالحه ، انه الجمال الذي يخدم تلك المعادلة التي تحدث عنها ماركس: " يزداد العامل فقرا بقدر الزيادة في انتاج الثروة ونماء انتاجه حجما وقوة " (السند28 مسالة العمل) . اذا كانت اللغة سواء الاغريقية واللاتينية تعكس الارتباط بين الفن ووظائف اخرى ذلك ان الكلمة الواحدة تستعمل للتعبير عن كل من الصناعة والاثر الفني في نفس الوقت فهل تحرر علم الجمال اليوم من هذه الوظائف الاخرى وهل يمكن ان نفصل اصلا بين المعرفة والسلطة او تحالف البحث والقوة على حد عبارة ادغار موران ؟ كل هذه الاسئلة التي تتاسس على الراهنية تجعل من مفهوم الجمال مفهوما اشكاليا . المشكل لا يبرز فقط من خلال التصورات المختلفة للجمال بل يبرز ايضا وباكثر حدة في واقعنا المعاصر من خلال التقاطع بين هذا المفهوم ومفاهيم اخرى مثل العولمة والاغتراب والثورة والمقاومة والانساني واللاانساني والكثرة والوحدة .
ahmed horchani- عدد المساهمات : 62
تاريخ التسجيل : 19/09/2009
العمر : 51
رد: الفن والحقيقة
أستاذي...أدامك الله قلقا يدق أبواب الفلسفه تثير العقول-الواعبة- ضد أوضاعها
عبير الأداب- عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 13/02/2010
العمر : 33
مواضيع مماثلة
» دراسات حول الفن : الجمال والحقيقة
» الفن القصصي في رسالة الغفران
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج2
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج3
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج4
» الفن القصصي في رسالة الغفران
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج2
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج3
» الفن القصصي في رسالة الغفران ج4
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 01, 2016 1:29 pm من طرف صالح زيد
» بنية مقال تحليل النص
الجمعة مارس 18, 2016 6:47 pm من طرف lamine
» مارسيل خليفة من السالمية نت
الجمعة مارس 18, 2016 6:30 pm من طرف lamine
» الإحداث في "حدث أبو هريرة قال"
الإثنين أبريل 20, 2015 11:59 pm من طرف lamine
» النص و التأويل
الثلاثاء ديسمبر 16, 2014 2:54 am من طرف ssociologie
» نسبية الاخلاق
الخميس مايو 22, 2014 10:36 am من طرف besma makhlouf
» العربية في الباكالوريا
الخميس نوفمبر 14, 2013 12:57 am من طرف الأستاذ
» الفكر الأخلاقي المعاصر
الثلاثاء نوفمبر 05, 2013 11:39 am من طرف هاني
» محاورة الكراتيل
الإثنين يناير 07, 2013 11:10 pm من طرف بسمة السماء