الغش في الامتحان

لست أدري إن كنت أبالغ قليلا وأني فقط أحمل الأمور أكثر مما تحتمل لكن في كل الحالات ليس هناك ما يجعلني متفائلا. مع كل أسبوع مغلق ومع كل حصة مراقبة تتحول العلاقة مع التلامذة الى علاقة عدائية لا تخلو من العنف المتبادل بمختلف أشكاله؛ يبتدأ الأمر بحالة التبرم والحزن التي تبادرك بها وجوه التلاميذ وهم يعلمون أنك ستكون الأستاذ المكلف بمراقبتهم خلال حصة الامتحان ويتواصل الحال على امتداد حصة الامتحان. ليس هناك ما هو أفضع من شعورك بكونك قد تحولت في لحظة وبدون إرادتك إلى ظالم مستبد وسادي تحرم هؤلاء التلاميذ من حقهم في "التنقيل" وفي ممارسة الغش.

لا أنكر أني حين كنت تلميذا أني مارست أحيانا الغش في الامتحان وخاصة في مادة الرياضيات ولكني كنت أعلم حقا أني بصدد ارتكاب خطأ وكان الخوف يتملكني في كل لحظة خشية أن يفتضح أمري لدى أستاذي ويتواصل هذا الخوف إلى حين ارجاع ورقة الامتحان، أما اليوم فقد تحول الغش الى حق جماعي وممارسته ليس بالسلوك الشاذ الخاص بتلميذ دون آخر أو بمن كان مستواه ضعيفا ولكنه تحول الى حالة عامة يمارسه ويتفنن فيه الجميع التلميذ الجيد كما التليذ الضعيف المستوى. والأغرب هي حالة التضامن اللافتة بين التلامذة يوم الامتحان في خصوص ممارسة الغش فالجميع ينتقد حرصك على اجراء الامتحان في ضروف سليمة والجميع يتآزرون مع التلميذ المخطئ ان أنت أمسكت به.

المشكل أن هذه الممارسة لم تعد فنا على أيامنا نتباهى باختراع أشكال مجنونة وشيطانية للغش وانما أصبح اليوم يمارس بشكل مفضوح ومقزز باعتباره حق.

ترى هل بمثل هذا الجيل يمكن أن نأمل في المستقبل، ليس فقط انهم يجعلون من لبغش كيفية في الوجود ولكنهم يمارسونه بأشكال وقحة رديئة وفجة.