بحـث
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 27 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 27 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 312 بتاريخ الإثنين مارس 13, 2023 10:44 am
الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين ج1
فلسفيات الباكالوريا :: اخترت لكم :: دراسات :: فلسفة عامة
صفحة 1 من اصل 1
الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين ج1
الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين
بقلم جان ميشيل بيسنييه*
ترجمة: عادل خدجامي
تميزت الخمس والعشرون سنة الأخيرة بأزمة لحقت بفلسفات التاريخ، وبإعادة نظر [جذرية] في العقل الحديث. وهكذا أصبح البحث عن حكمة وعن فلسفة إنسانية مندمجة في الطبيعة تيمات مركزية في الفكر المعاصر. ولئن ظهر أن هذه القضايا ذات أهمية، فإنها ليست بالضرورة متوافقة: فليست كل حكمة تنتهي إلى النزعة الإنسانية، كما قد تكون الطبيعة حاملة لفكر ميتافيزيقي.
ساد الاعتقاد، ولفترة طويلة في كون الأفكار الفلسفية تمثل تاريخا منسجما. وقد نظمت الفلسفة الهيجيلية هذا الاعتقاد الذي ما يزال يشكل إلى اليوم القاعدة الأساسية للثقافة الجامعية. فحسب هيجل، تندرج الأفكار في مسلسل واحد يسير نحو كشف المنطق نفسه الذي يحرك هذه الأفكار ويجمعها. وهكذا، يظهر وكأن الإنسانية لم تفكر قط في شيء ولم يكن ذلك التفكير سببا في تحررها، بما أن التفكير يعني، قبل كل شيء، التحرر من حتميات الطبيعة والوصول إلى تحقيق الوعي بالذات. سترفض النظرية الماركسية خاصية الاستقلال هاته المضفاة على تاريخ الأفكار، وذلك بردّها النشاط الفكري إلى مجرد انعكاس لشروط وجود الناس المادية. لكن رغم هذا الرفض، ظل الاعتقاد في حركة الروح وتقدمها سائدا. لم تعد، ربما، الأفكار بعد ماركس محركا للعالم. لكنها ظلت مع ذلك نورا تستدل به على طريقها نحو الفعل. إذ أن النظرية الماركسية ظلت مدينة لتلك الأفكار بكشفها للبروليتاريا جوهر مهمتها التاريخية.
لكن الإحباط الذي نتج عن الكوارث التاريخية للقرن العشرين أصاب في مقتل ثقة الفلاسفة في قوة الأفكار. وهو الأمر الذي وجدت الفلسفة نفسها معه مجبرة على تبرير ماضيها المثالي وبالتالي إعادة النظر في أسسها. وهكذا توجهت أهم الاعتراضات والمساءلات في السنوات التي تلت الحرب العالمية، صوب هيجل. فمن ألكسندر كوجيف* مرورا ببول ريكور* إلى ميشيل فوكو*، كانت مسألة الانفصال عنه(1) هي مركز الاهتمام.
وتظل أزمة المعنى (La crise du sens)، التي يسعى الفلاسفة اليوم جاهدين لتدبيرها، مرتبطة بالتعليق على أعماله، وهو التعليق الذي يتخذ أشكالا مختلفة: فهذا ألكسندر كوجيف يدعو إلى العودة إلى هيجل، وميشيل فوكو يدعو، كنيتشه*، إلى رفضه، أما بول ريكور فيدعو بكل بساطة إلى نسيانه. وهؤلاء أتباع كانط* وهوسرل* ينادون بضرورة العودة إلى الوعي المشترك وبيان طاقته في معرفة الأشياء. وهؤلاء أتباع هيدجر* يجتهدون في الكشف عن شكل جديد لإدراك الوجود والعيش في العالم. وآخرون غيرهم ملتفون حول موريس بلانشو* أو فيليب سولير* يطمحون إلى تجاوز الفلسفة بالكتابة الأدبية أو بالالتزام الثوري. وأخيرا جاك دريدا* والتجريبية المنطقية يعلنون عن حلول الموعد "لتفكيك" الخطاب الميتافيزيقي أو إخضاعه للتحليل المنطقي ولمستلزمات العلم. وقد مثلت هذه التوجهات أهم تيارات الفلسفة المعاصرة.
نقد العقل:
تحددت الفلسفة المذكورة(2) أولا في موقع نقد العقل. فقد انتهت فلسفة هيجل التي سعت إلى أن تكون تأليها للعقل (Apothéose de la raison) إلى تحمل التبعات الشاذة للعقلانية. ووجد عدد من المفكرين المتشبعين بنسق المغرفة المطلقة عند هيجل أنفسهم في مواجهة هذه الحقيقة المفارقة: إن شمول العقل هو في نفس الآن انتصار للاعقل. ولم نكن نحن لنعدم خلال هذا القرن(3) بعض المتخصصين لتبيان ذلك. فمثلا أوضح بعض علماء الاجتماع، كميشيل كروزييه* الآثار السيئة للتنظيمات الإدارية المتشددة، وبين آخرون كريمون بودون* الأضرار التي تسبب فيها بعض علماء النفس المنادين بنظام تربوي مبالغ في الضبط.
وخلاصة القول هنا، هي أن الأطروحة التي عارضت الهيجيلية وادّعت بأن أرقى درجات العقلانية يمكن أن تؤدي إلى أكبر الآفات، قد تم إثباتها فعليا وبأشكال مختلفة. وبهذا، يجد العديد من الفلاسفة أنفسهم اليوم في حاجة إلى تبرير أسباب استمرار إيمانهم بالعقل، فما مبرر الاستمرار في اعتماد العقل وقيمه معيارا لتقويم الأفعال؟ وما مبرر الاستمرار في اعتماد العقل بوصفه اختيارا؟
بالموازاة مع ذلك، ظهر نهج سلكه عدد ليس بالقليل من المفكرين المعاصرين دعووا إلى مناهضة الكليانية (L’universalisme). ونذكر هنا قولة تيودور أدورنو*، أحد ألمع مفكري مدرسة فرانكفوت: "الكل هو اللاحقيقة Le tout est le non-vrai" التي ظلت حاضرة بقوة عند المعاصرين. إن ما تعنيه هذه الفكرة هو أنه من المتعذر تحقيق تمثل كلياني لا يسحق الفرد. فما تثبته المثالية الهيجيلية التي تزعم القدرة على احتواء الواقع بأتمه في نسق واحد، هو في الحقيقة نوع من "الرغبة الجامحة" Rage في تدمير "الآخر"، وذلك باحتوائه في الذات من خلال طيّه في نطاق مفهوم؛ رغبة جامحة في تذويب كل اختلاف وذلك بإعطاء الأولوية، وبكل الوسائل المتاحة، للمطلق.
ويبدو اليوم من اليسير علينا، بعد الحرب العالمية الثانية وفظاعات مراكز الإبادة النازية وما اقترفته الأنظمة الكليانية، قبول النقد القوي الذي يتعرض له عقل الفلاسفة، ولعل هذا النقد يكون السمة الأبرز التي وسمت الفترة التي نودعها.
ونورد هنا قولا لأحد المفكرين، الذين لم يحصل للفلاسفة الفرنسيين أن قبلوه ضمنهم، نقصد جورج باطاي* الذي قال تعبيرا عن ما سبق بأن المعرفة المطلقة التي تطلعت إليها أعمال هيجل تصب في نهاية المطاف في الجهل المطلق (Le non savoir absolu)، فادعاء الكشف عن كلية المعنى وادعاء التكلم في كل شيء هو في الواقع، وحسب باطاي دائما غرق في الصمت وفي ليل لا يُتبين فيه الخيط الأبيض من الأسود، أي الغرق في مكان يرتفع فيه الاختلاف بما أن الكل يذوب في الوحدة.
ويبدو واضحا، من خلال ما سبق، السبب الذي دفع ببعض المفكرين مع مطلع الستينيات من أمثال ربمون آرون* وأندري كلوكسمان* وألكسي فيلوننكو* إلى نعت هيجل بكونه (penseur de la vialence) ووصف نسقه بكونه التعبير الفكري السابق عن الأنظمة الكليانية اللاحقة. ورغم ما يبدو في هذا الربط من تبسيط مبالغ فيه، فإن من الأمور المثيرة هنا تلك الكيفية التي أصبح فلاسفة هذا القرن ينظرون بها إلى مسؤوليتهم في تاريخ العالم. ففي نظرهم يمثل النسق الفلسفي (Le système philosophique) تكريسا لهيمنة الواحد (l’un) تماما كما يكرس النظام الكلياني بالقوة اختزال الفوارق لصالح نظام متشدد إلى حد التسلط، وأحيانا إلى حد الإرهاب. وهذا ما دفع بعض من سُمّوا خلال أواسط السبعينيات "بالفلاسفة الجدد" إلى تقديم النزعة الكليانية (سواء كانت حمراء أو سمراء أو سوداء) بوصفها "مستقبل العالم" اللاحقة عن الأنظمة الفلسفية التي كانت الهمّ الأوحد لهيجل وللمثالية الألمانية.
غير نه قد حصل في الفترة الأخيرة نوع من إعادة الاعتبار لهيجل من خلال الاعتراف له بكونه لم يكن يقصد أبدا محو الفرد في إطار دولة عقلية مفترضة وأنه كان يدافع، وعلى العكس من ذلك، عن ضرورة إنشاء مجتمع مدني متحرر. ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لماركس الذي يقرأ من جديد، وظهر نزوع إلى رفض ربطه مباشرة بستالين أو بماو تسيتونغ، ونتيجة لذلك خفّت حدة عدد من السجالات الفلسفية التي أثثت الحياة الثقافية إبان الحرب الباردة، من مثل التي جمعت ريمون آرون وموريس مرلوبونتي* وجون بول سارتر* بخصوص مفهوم جدل التاريخ وما يحتويه من تحريض على العنف؛ أو ذلك النقاش الذي قام بين كلود لوفور* وكورنيليوس كاستوريادس* في إطار حركة ومجلة إشتراكية أو بربرية، socialisme ou barbarisme والتي كان مشروعها يرفض تهمة الشر التي ألحقت بالعقل الهيجلي. ورغم كون هيجل وماركس لم يبرءا كليا في هذه القراءة الجديدة لتاريخ القرن العشرين، فإن جزءا من الحيف وعدم الفهم الذي تعرضا له في خضم الصراع الإيديولوجي قد أعيد النظر فيه.
.
بقلم جان ميشيل بيسنييه*
ترجمة: عادل خدجامي
تميزت الخمس والعشرون سنة الأخيرة بأزمة لحقت بفلسفات التاريخ، وبإعادة نظر [جذرية] في العقل الحديث. وهكذا أصبح البحث عن حكمة وعن فلسفة إنسانية مندمجة في الطبيعة تيمات مركزية في الفكر المعاصر. ولئن ظهر أن هذه القضايا ذات أهمية، فإنها ليست بالضرورة متوافقة: فليست كل حكمة تنتهي إلى النزعة الإنسانية، كما قد تكون الطبيعة حاملة لفكر ميتافيزيقي.
ساد الاعتقاد، ولفترة طويلة في كون الأفكار الفلسفية تمثل تاريخا منسجما. وقد نظمت الفلسفة الهيجيلية هذا الاعتقاد الذي ما يزال يشكل إلى اليوم القاعدة الأساسية للثقافة الجامعية. فحسب هيجل، تندرج الأفكار في مسلسل واحد يسير نحو كشف المنطق نفسه الذي يحرك هذه الأفكار ويجمعها. وهكذا، يظهر وكأن الإنسانية لم تفكر قط في شيء ولم يكن ذلك التفكير سببا في تحررها، بما أن التفكير يعني، قبل كل شيء، التحرر من حتميات الطبيعة والوصول إلى تحقيق الوعي بالذات. سترفض النظرية الماركسية خاصية الاستقلال هاته المضفاة على تاريخ الأفكار، وذلك بردّها النشاط الفكري إلى مجرد انعكاس لشروط وجود الناس المادية. لكن رغم هذا الرفض، ظل الاعتقاد في حركة الروح وتقدمها سائدا. لم تعد، ربما، الأفكار بعد ماركس محركا للعالم. لكنها ظلت مع ذلك نورا تستدل به على طريقها نحو الفعل. إذ أن النظرية الماركسية ظلت مدينة لتلك الأفكار بكشفها للبروليتاريا جوهر مهمتها التاريخية.
لكن الإحباط الذي نتج عن الكوارث التاريخية للقرن العشرين أصاب في مقتل ثقة الفلاسفة في قوة الأفكار. وهو الأمر الذي وجدت الفلسفة نفسها معه مجبرة على تبرير ماضيها المثالي وبالتالي إعادة النظر في أسسها. وهكذا توجهت أهم الاعتراضات والمساءلات في السنوات التي تلت الحرب العالمية، صوب هيجل. فمن ألكسندر كوجيف* مرورا ببول ريكور* إلى ميشيل فوكو*، كانت مسألة الانفصال عنه(1) هي مركز الاهتمام.
وتظل أزمة المعنى (La crise du sens)، التي يسعى الفلاسفة اليوم جاهدين لتدبيرها، مرتبطة بالتعليق على أعماله، وهو التعليق الذي يتخذ أشكالا مختلفة: فهذا ألكسندر كوجيف يدعو إلى العودة إلى هيجل، وميشيل فوكو يدعو، كنيتشه*، إلى رفضه، أما بول ريكور فيدعو بكل بساطة إلى نسيانه. وهؤلاء أتباع كانط* وهوسرل* ينادون بضرورة العودة إلى الوعي المشترك وبيان طاقته في معرفة الأشياء. وهؤلاء أتباع هيدجر* يجتهدون في الكشف عن شكل جديد لإدراك الوجود والعيش في العالم. وآخرون غيرهم ملتفون حول موريس بلانشو* أو فيليب سولير* يطمحون إلى تجاوز الفلسفة بالكتابة الأدبية أو بالالتزام الثوري. وأخيرا جاك دريدا* والتجريبية المنطقية يعلنون عن حلول الموعد "لتفكيك" الخطاب الميتافيزيقي أو إخضاعه للتحليل المنطقي ولمستلزمات العلم. وقد مثلت هذه التوجهات أهم تيارات الفلسفة المعاصرة.
نقد العقل:
تحددت الفلسفة المذكورة(2) أولا في موقع نقد العقل. فقد انتهت فلسفة هيجل التي سعت إلى أن تكون تأليها للعقل (Apothéose de la raison) إلى تحمل التبعات الشاذة للعقلانية. ووجد عدد من المفكرين المتشبعين بنسق المغرفة المطلقة عند هيجل أنفسهم في مواجهة هذه الحقيقة المفارقة: إن شمول العقل هو في نفس الآن انتصار للاعقل. ولم نكن نحن لنعدم خلال هذا القرن(3) بعض المتخصصين لتبيان ذلك. فمثلا أوضح بعض علماء الاجتماع، كميشيل كروزييه* الآثار السيئة للتنظيمات الإدارية المتشددة، وبين آخرون كريمون بودون* الأضرار التي تسبب فيها بعض علماء النفس المنادين بنظام تربوي مبالغ في الضبط.
وخلاصة القول هنا، هي أن الأطروحة التي عارضت الهيجيلية وادّعت بأن أرقى درجات العقلانية يمكن أن تؤدي إلى أكبر الآفات، قد تم إثباتها فعليا وبأشكال مختلفة. وبهذا، يجد العديد من الفلاسفة أنفسهم اليوم في حاجة إلى تبرير أسباب استمرار إيمانهم بالعقل، فما مبرر الاستمرار في اعتماد العقل وقيمه معيارا لتقويم الأفعال؟ وما مبرر الاستمرار في اعتماد العقل بوصفه اختيارا؟
بالموازاة مع ذلك، ظهر نهج سلكه عدد ليس بالقليل من المفكرين المعاصرين دعووا إلى مناهضة الكليانية (L’universalisme). ونذكر هنا قولة تيودور أدورنو*، أحد ألمع مفكري مدرسة فرانكفوت: "الكل هو اللاحقيقة Le tout est le non-vrai" التي ظلت حاضرة بقوة عند المعاصرين. إن ما تعنيه هذه الفكرة هو أنه من المتعذر تحقيق تمثل كلياني لا يسحق الفرد. فما تثبته المثالية الهيجيلية التي تزعم القدرة على احتواء الواقع بأتمه في نسق واحد، هو في الحقيقة نوع من "الرغبة الجامحة" Rage في تدمير "الآخر"، وذلك باحتوائه في الذات من خلال طيّه في نطاق مفهوم؛ رغبة جامحة في تذويب كل اختلاف وذلك بإعطاء الأولوية، وبكل الوسائل المتاحة، للمطلق.
ويبدو اليوم من اليسير علينا، بعد الحرب العالمية الثانية وفظاعات مراكز الإبادة النازية وما اقترفته الأنظمة الكليانية، قبول النقد القوي الذي يتعرض له عقل الفلاسفة، ولعل هذا النقد يكون السمة الأبرز التي وسمت الفترة التي نودعها.
ونورد هنا قولا لأحد المفكرين، الذين لم يحصل للفلاسفة الفرنسيين أن قبلوه ضمنهم، نقصد جورج باطاي* الذي قال تعبيرا عن ما سبق بأن المعرفة المطلقة التي تطلعت إليها أعمال هيجل تصب في نهاية المطاف في الجهل المطلق (Le non savoir absolu)، فادعاء الكشف عن كلية المعنى وادعاء التكلم في كل شيء هو في الواقع، وحسب باطاي دائما غرق في الصمت وفي ليل لا يُتبين فيه الخيط الأبيض من الأسود، أي الغرق في مكان يرتفع فيه الاختلاف بما أن الكل يذوب في الوحدة.
ويبدو واضحا، من خلال ما سبق، السبب الذي دفع ببعض المفكرين مع مطلع الستينيات من أمثال ربمون آرون* وأندري كلوكسمان* وألكسي فيلوننكو* إلى نعت هيجل بكونه (penseur de la vialence) ووصف نسقه بكونه التعبير الفكري السابق عن الأنظمة الكليانية اللاحقة. ورغم ما يبدو في هذا الربط من تبسيط مبالغ فيه، فإن من الأمور المثيرة هنا تلك الكيفية التي أصبح فلاسفة هذا القرن ينظرون بها إلى مسؤوليتهم في تاريخ العالم. ففي نظرهم يمثل النسق الفلسفي (Le système philosophique) تكريسا لهيمنة الواحد (l’un) تماما كما يكرس النظام الكلياني بالقوة اختزال الفوارق لصالح نظام متشدد إلى حد التسلط، وأحيانا إلى حد الإرهاب. وهذا ما دفع بعض من سُمّوا خلال أواسط السبعينيات "بالفلاسفة الجدد" إلى تقديم النزعة الكليانية (سواء كانت حمراء أو سمراء أو سوداء) بوصفها "مستقبل العالم" اللاحقة عن الأنظمة الفلسفية التي كانت الهمّ الأوحد لهيجل وللمثالية الألمانية.
غير نه قد حصل في الفترة الأخيرة نوع من إعادة الاعتبار لهيجل من خلال الاعتراف له بكونه لم يكن يقصد أبدا محو الفرد في إطار دولة عقلية مفترضة وأنه كان يدافع، وعلى العكس من ذلك، عن ضرورة إنشاء مجتمع مدني متحرر. ويمكن قول الشيء نفسه بالنسبة لماركس الذي يقرأ من جديد، وظهر نزوع إلى رفض ربطه مباشرة بستالين أو بماو تسيتونغ، ونتيجة لذلك خفّت حدة عدد من السجالات الفلسفية التي أثثت الحياة الثقافية إبان الحرب الباردة، من مثل التي جمعت ريمون آرون وموريس مرلوبونتي* وجون بول سارتر* بخصوص مفهوم جدل التاريخ وما يحتويه من تحريض على العنف؛ أو ذلك النقاش الذي قام بين كلود لوفور* وكورنيليوس كاستوريادس* في إطار حركة ومجلة إشتراكية أو بربرية، socialisme ou barbarisme والتي كان مشروعها يرفض تهمة الشر التي ألحقت بالعقل الهيجلي. ورغم كون هيجل وماركس لم يبرءا كليا في هذه القراءة الجديدة لتاريخ القرن العشرين، فإن جزءا من الحيف وعدم الفهم الذي تعرضا له في خضم الصراع الإيديولوجي قد أعيد النظر فيه.
.
مواضيع مماثلة
» الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين ج2
» الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين ج3
» تنويه بخصوص "الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين "
» شعر المتون في التراث العربي من القرن الهجري الثاني حتى نهاية القرن الهجري الثامن
» عن ملامح الفكر الفلسفي في مطالع القرن 21
» الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين ج3
» تنويه بخصوص "الأفكار الأساسية لفلسفة القرن العشرين "
» شعر المتون في التراث العربي من القرن الهجري الثاني حتى نهاية القرن الهجري الثامن
» عن ملامح الفكر الفلسفي في مطالع القرن 21
فلسفيات الباكالوريا :: اخترت لكم :: دراسات :: فلسفة عامة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 01, 2016 1:29 pm من طرف صالح زيد
» بنية مقال تحليل النص
الجمعة مارس 18, 2016 6:47 pm من طرف lamine
» مارسيل خليفة من السالمية نت
الجمعة مارس 18, 2016 6:30 pm من طرف lamine
» الإحداث في "حدث أبو هريرة قال"
الإثنين أبريل 20, 2015 11:59 pm من طرف lamine
» النص و التأويل
الثلاثاء ديسمبر 16, 2014 2:54 am من طرف ssociologie
» نسبية الاخلاق
الخميس مايو 22, 2014 10:36 am من طرف besma makhlouf
» العربية في الباكالوريا
الخميس نوفمبر 14, 2013 12:57 am من طرف الأستاذ
» الفكر الأخلاقي المعاصر
الثلاثاء نوفمبر 05, 2013 11:39 am من طرف هاني
» محاورة الكراتيل
الإثنين يناير 07, 2013 11:10 pm من طرف بسمة السماء