بحـث
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 5 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 5 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 312 بتاريخ الإثنين مارس 13, 2023 10:44 am
مواجهة اللايقين ج1
صفحة 1 من اصل 1
مواجهة اللايقين ج1
مواجهة اللايقين
إدغار موران
ترجمة : عمر بيشو
[1] - أجري هذا الحوار من طرف مارتين فورنيه ( Martine Fournier) و ج . ك .ريانو بوربالان (J.C.R uano-Borbalan:
ما يميز عالمنا المعاصر – حسب السوسيولوجي والفيلسوف إ. موران - بالإضافة إلى تفجير المعرفة وتعقيد الحقيقة، هناك اللايقين، الأمر الذي يتطلب ضرورة إنبات جديد ل" تنظيم الفكر" , تكون المدرسة منطلقه الأول.
مجلة " علوم إنسانية " : كما هو معلوم، أنتم تدافعون، منذ وقت طويل، عن تصور خاص للمعرفة وكذا العلاقة التي تربط الإنسان بالعلوم . كيف يمكن، في نظركم، توصيف المعرفة حاليا ؟
إدغار موران : تقتضي الإجابة عن سؤالكم، الرجوع شيئا ما إلى الوراء، خاصة عصر الأنوار . ذلك أنه، يمكن اعتبار أن مخزون المعرفة في أوربا منذ القرن الثامن عشر، قد بلغ حدا وإشباعا ما ... فمن الصحيح القول – رغم ما عرفته العلوم من تطور، منذ بداية القرن السابع عشر، أي من مونتاين إلى باسكال، إلى ديدرو - بافتراض أنه ثمة هناك عقل مثقف، بإمكانه إدراك جوهر المعرفة عقليا لعصره والتفكير بالتالي, من علّ .
لقد خلق تكاثر المعرفة آنذاك , مشكلا . فمنذ المنتصف الثاني للقرن 18 , سجل تأسيس المشروع الموسوعي ل " ألمبير " و ديدرو منعطفا كبيرا، أي أنه بهذا العمل أخذ التكاثر المعرفي يتجه نحو تفعيله أبجديا لا منطقيا . وبذلك، تكدست المعارف وتراكمت شيئا فشيئا . للتذكير أيضا، إنه الشيء نفسه، بالنسبة لمعاجمنا وموسوعاتنا الحالية، التي ساهمت هي الأخرى , في تمديد عالم المعرفة، بشكل مهول,كما تساهم بشكل كبير من خلال تنظيمها الموسوعاتي . وعليه، أتاحت هذه الثورة الموسوعاتية تكاثرا للمعارف بفضل تشتتها وتوزيعها إلى وحدات بسيطة . الشيء الذي أتاح للمعرفة الإنسانية تموضعا جماعيا واسعا للغاية . غير أن هذه التجزئة , ستعرف تكاثرها من خلال عدد متزايد للتخصصات بشكل مستمر , مدافعة بالتالي , عن حدودها الدقيقة، إلى درجة، يصبح من الممنوع عليها التفكير في تلك الأواصر والتفاعلات التي بين مختلف دوائر المعرفة الإنسانية، كالذي لحقيقة المجتمعات أو ذلك للطبيعة .
لقد طورت كل أبحاثي – كما هو معلوم – في اتجاه معاكس للتجزئة وتقطيع المعرفة , مدافعا من أجل إمكانية إعادة تجميع المعرفة، وذلك في الربط بين العلوم الفيز رياضية، والعلوم الإنسانية، والعمل على إدماج الإنسان كموضوع للمعرفة وكعضو في نظام الطبيعة والكون .
ع – إ : كيف يمكننا إتاحة أشخاص ما، حيازة معرفة علمية هي دائمة السعة، ومنتثرة جدا باستمرار ؟
إ – م : إن المشكل الكبير في عالمنا الراهن هو ذلك لتنظيم المعرفة، ولنأخذ مثلا، المحيط الحيوي الذي يحتاج في الوقت ذاته إلى علوم الأرض، والعلوم الفيزيائية، والبيولوجية الخ . فلكي نفهم بشكل كبير، هذا المحيط الحيوي، طفا على السطح علم جديد، يدعى علم البيئة، هذا العلم أنتج بدوره مفهوم النظام البيئوي (Ecosystème) ؛ بمعنى، التنظيم العفوي بين الكائنات الحية ( الوحدة الحياتية / La biocénose), والشروط الطبيعية للوسط ( المدى الجغرافي / Le biotope ) .
هكذا، دون جمع ما يمكن جمعه من المعارف والإلمام بها جميعا، يقوم علم البيئة بهذا الدور، حيث يتمركز هذا الأخير حول معرفة منظِّمة، و هي معرفة كيفية تفاعل عناصر هذه المجموعة؛ بمعنى، كيف يتوازن النظام البيئوي، وكيف يختل؟ ... ومع أن المعرفة بالنسبة للبيئيين لازالت غير دقيقة ( مثلا فيما يخص تسخين الكوكب ثانية ) فإنها تعرف تنظيما، وهذا ينطبق تماما بالنسبة لعلوم الأرض، علم الزلازل، علم البراكين، الجيولوجيا، علم الأرصاد، الخ ...فإنها هي الأخرى، تنتظم وتتمفصل فيما بينها لدراسة الأرض كنظام معقد .
ع - إ : أن نمفصل المعارف فيما بينها، هذا ينحدر من آفاق مختلفة : هل يمكن أن يتم ذلك باعتبار هذا التنظيم التخصصاتي والمؤسساتي حاليا ؟
إ- م : إن تنظيم المعارف اليوم، يقع في تشاجر نظري، بين الانغلاق التخصصي وإعادة تنظيم التخصص المتعدد، ذلك أن التخصصات التي تم تأسيسها في القرن 19، جزأت المعرفة حسب حدود وهمية و اعتباطية لكنها مع ذلك صلبة . وعليه، بدأ يتجه، منذ الستينات، تجمع للتخصصات نحو تمامه؛ وبالتالي نحو حقائق معقدة . إنه حال علم الكون / الكوسمولوجيا، مثلا، في علوم الأرض، كما هو بالنسبة لعلم البيئة كما أشرت من قبل . لكن، كذلك بالنسبة لدراسة ما قبل التاريخ، يمكن لنفس الحقل العلمي أن يكون موضوعا لصدام بين تقسيمات واختزالات . وآية ذلك، البيولوجيا التي توزعت بين تيار اختزالي، وتمثله البيولوجيا الوراثية – التي تفسر الأشياء كلها من زاوية الجزيئات(molécules) والمورثات (gènes) – وذلك الذي للقطاعات الأخرى كعلم الأخلاق، وعلم الطفيليات، التي لا تريد أن تكتفي بذلك النمط الوحيد للفهم، الذي يتم من خلال لعبة الجزيئات . أما بخصوص العلوم الإنسانية، فنلاحظ تواصلا طفيفا بين الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع .
بصفة عامة، سواء كان تموضعنا في(العلوم الاجتماعية، العلوم الإنسانية، البيولوجيا، علوم الطبيعة ) أو في العلوم الفيزرياضية، نلاحظ أن الآلية المؤسساتية تبقى بشكل أساسي، منظمة في تخصصات جامعة، إذ لا يوجد هناك " كلية للكائن البشري " فالإنسان البيولوجي يدرس بيولوجيّا، كما يدرس سيكولوجيّا, الإنسان النفسي ... كما أن الإنسان الاجتماعي هو الآخر تجزّأ حسب أنشطته المعتقداتية والاقتصادية والسياسية والثقافية، حسب فضاءه أو تاريخه ,الخ .
إن المعارف التخصصية تتواصل فيما بينها بشكل ناقص للغاية، فكل واحدة منها تبقى معزولة في لغتها الخاصة، ومع ذلك، فتوجد هناك عقول لاتخصصية، تتطور من تخصص لآخر، غير أن هذه التجاوزات تبقى فردية وجد محدودة . لقد سبق أن قال هيبيرت كيرين بصفة عامة ," إ ن العلميين كالذئاب، يتبولون ليرسموا حدودهم و ليعضوا بالتالي، الدخيل عنهم ".
إدغار موران
ترجمة : عمر بيشو
[1] - أجري هذا الحوار من طرف مارتين فورنيه ( Martine Fournier) و ج . ك .ريانو بوربالان (J.C.R uano-Borbalan:
ما يميز عالمنا المعاصر – حسب السوسيولوجي والفيلسوف إ. موران - بالإضافة إلى تفجير المعرفة وتعقيد الحقيقة، هناك اللايقين، الأمر الذي يتطلب ضرورة إنبات جديد ل" تنظيم الفكر" , تكون المدرسة منطلقه الأول.
مجلة " علوم إنسانية " : كما هو معلوم، أنتم تدافعون، منذ وقت طويل، عن تصور خاص للمعرفة وكذا العلاقة التي تربط الإنسان بالعلوم . كيف يمكن، في نظركم، توصيف المعرفة حاليا ؟
إدغار موران : تقتضي الإجابة عن سؤالكم، الرجوع شيئا ما إلى الوراء، خاصة عصر الأنوار . ذلك أنه، يمكن اعتبار أن مخزون المعرفة في أوربا منذ القرن الثامن عشر، قد بلغ حدا وإشباعا ما ... فمن الصحيح القول – رغم ما عرفته العلوم من تطور، منذ بداية القرن السابع عشر، أي من مونتاين إلى باسكال، إلى ديدرو - بافتراض أنه ثمة هناك عقل مثقف، بإمكانه إدراك جوهر المعرفة عقليا لعصره والتفكير بالتالي, من علّ .
لقد خلق تكاثر المعرفة آنذاك , مشكلا . فمنذ المنتصف الثاني للقرن 18 , سجل تأسيس المشروع الموسوعي ل " ألمبير " و ديدرو منعطفا كبيرا، أي أنه بهذا العمل أخذ التكاثر المعرفي يتجه نحو تفعيله أبجديا لا منطقيا . وبذلك، تكدست المعارف وتراكمت شيئا فشيئا . للتذكير أيضا، إنه الشيء نفسه، بالنسبة لمعاجمنا وموسوعاتنا الحالية، التي ساهمت هي الأخرى , في تمديد عالم المعرفة، بشكل مهول,كما تساهم بشكل كبير من خلال تنظيمها الموسوعاتي . وعليه، أتاحت هذه الثورة الموسوعاتية تكاثرا للمعارف بفضل تشتتها وتوزيعها إلى وحدات بسيطة . الشيء الذي أتاح للمعرفة الإنسانية تموضعا جماعيا واسعا للغاية . غير أن هذه التجزئة , ستعرف تكاثرها من خلال عدد متزايد للتخصصات بشكل مستمر , مدافعة بالتالي , عن حدودها الدقيقة، إلى درجة، يصبح من الممنوع عليها التفكير في تلك الأواصر والتفاعلات التي بين مختلف دوائر المعرفة الإنسانية، كالذي لحقيقة المجتمعات أو ذلك للطبيعة .
لقد طورت كل أبحاثي – كما هو معلوم – في اتجاه معاكس للتجزئة وتقطيع المعرفة , مدافعا من أجل إمكانية إعادة تجميع المعرفة، وذلك في الربط بين العلوم الفيز رياضية، والعلوم الإنسانية، والعمل على إدماج الإنسان كموضوع للمعرفة وكعضو في نظام الطبيعة والكون .
ع – إ : كيف يمكننا إتاحة أشخاص ما، حيازة معرفة علمية هي دائمة السعة، ومنتثرة جدا باستمرار ؟
إ – م : إن المشكل الكبير في عالمنا الراهن هو ذلك لتنظيم المعرفة، ولنأخذ مثلا، المحيط الحيوي الذي يحتاج في الوقت ذاته إلى علوم الأرض، والعلوم الفيزيائية، والبيولوجية الخ . فلكي نفهم بشكل كبير، هذا المحيط الحيوي، طفا على السطح علم جديد، يدعى علم البيئة، هذا العلم أنتج بدوره مفهوم النظام البيئوي (Ecosystème) ؛ بمعنى، التنظيم العفوي بين الكائنات الحية ( الوحدة الحياتية / La biocénose), والشروط الطبيعية للوسط ( المدى الجغرافي / Le biotope ) .
هكذا، دون جمع ما يمكن جمعه من المعارف والإلمام بها جميعا، يقوم علم البيئة بهذا الدور، حيث يتمركز هذا الأخير حول معرفة منظِّمة، و هي معرفة كيفية تفاعل عناصر هذه المجموعة؛ بمعنى، كيف يتوازن النظام البيئوي، وكيف يختل؟ ... ومع أن المعرفة بالنسبة للبيئيين لازالت غير دقيقة ( مثلا فيما يخص تسخين الكوكب ثانية ) فإنها تعرف تنظيما، وهذا ينطبق تماما بالنسبة لعلوم الأرض، علم الزلازل، علم البراكين، الجيولوجيا، علم الأرصاد، الخ ...فإنها هي الأخرى، تنتظم وتتمفصل فيما بينها لدراسة الأرض كنظام معقد .
ع - إ : أن نمفصل المعارف فيما بينها، هذا ينحدر من آفاق مختلفة : هل يمكن أن يتم ذلك باعتبار هذا التنظيم التخصصاتي والمؤسساتي حاليا ؟
إ- م : إن تنظيم المعارف اليوم، يقع في تشاجر نظري، بين الانغلاق التخصصي وإعادة تنظيم التخصص المتعدد، ذلك أن التخصصات التي تم تأسيسها في القرن 19، جزأت المعرفة حسب حدود وهمية و اعتباطية لكنها مع ذلك صلبة . وعليه، بدأ يتجه، منذ الستينات، تجمع للتخصصات نحو تمامه؛ وبالتالي نحو حقائق معقدة . إنه حال علم الكون / الكوسمولوجيا، مثلا، في علوم الأرض، كما هو بالنسبة لعلم البيئة كما أشرت من قبل . لكن، كذلك بالنسبة لدراسة ما قبل التاريخ، يمكن لنفس الحقل العلمي أن يكون موضوعا لصدام بين تقسيمات واختزالات . وآية ذلك، البيولوجيا التي توزعت بين تيار اختزالي، وتمثله البيولوجيا الوراثية – التي تفسر الأشياء كلها من زاوية الجزيئات(molécules) والمورثات (gènes) – وذلك الذي للقطاعات الأخرى كعلم الأخلاق، وعلم الطفيليات، التي لا تريد أن تكتفي بذلك النمط الوحيد للفهم، الذي يتم من خلال لعبة الجزيئات . أما بخصوص العلوم الإنسانية، فنلاحظ تواصلا طفيفا بين الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع .
بصفة عامة، سواء كان تموضعنا في(العلوم الاجتماعية، العلوم الإنسانية، البيولوجيا، علوم الطبيعة ) أو في العلوم الفيزرياضية، نلاحظ أن الآلية المؤسساتية تبقى بشكل أساسي، منظمة في تخصصات جامعة، إذ لا يوجد هناك " كلية للكائن البشري " فالإنسان البيولوجي يدرس بيولوجيّا، كما يدرس سيكولوجيّا, الإنسان النفسي ... كما أن الإنسان الاجتماعي هو الآخر تجزّأ حسب أنشطته المعتقداتية والاقتصادية والسياسية والثقافية، حسب فضاءه أو تاريخه ,الخ .
إن المعارف التخصصية تتواصل فيما بينها بشكل ناقص للغاية، فكل واحدة منها تبقى معزولة في لغتها الخاصة، ومع ذلك، فتوجد هناك عقول لاتخصصية، تتطور من تخصص لآخر، غير أن هذه التجاوزات تبقى فردية وجد محدودة . لقد سبق أن قال هيبيرت كيرين بصفة عامة ," إ ن العلميين كالذئاب، يتبولون ليرسموا حدودهم و ليعضوا بالتالي، الدخيل عنهم ".
مواضيع مماثلة
» مواجهة اللايقين ج2
» الفلسفة في مواجهة عنف المغالطة
» الثقب الأسود الخامس: ندرِّس اليقين ولا ندرِّس اللايقين والمحتمَل والمفاجئ
» الفلسفة في مواجهة عنف المغالطة
» الثقب الأسود الخامس: ندرِّس اليقين ولا ندرِّس اللايقين والمحتمَل والمفاجئ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أكتوبر 01, 2016 1:29 pm من طرف صالح زيد
» بنية مقال تحليل النص
الجمعة مارس 18, 2016 6:47 pm من طرف lamine
» مارسيل خليفة من السالمية نت
الجمعة مارس 18, 2016 6:30 pm من طرف lamine
» الإحداث في "حدث أبو هريرة قال"
الإثنين أبريل 20, 2015 11:59 pm من طرف lamine
» النص و التأويل
الثلاثاء ديسمبر 16, 2014 2:54 am من طرف ssociologie
» نسبية الاخلاق
الخميس مايو 22, 2014 10:36 am من طرف besma makhlouf
» العربية في الباكالوريا
الخميس نوفمبر 14, 2013 12:57 am من طرف الأستاذ
» الفكر الأخلاقي المعاصر
الثلاثاء نوفمبر 05, 2013 11:39 am من طرف هاني
» محاورة الكراتيل
الإثنين يناير 07, 2013 11:10 pm من طرف بسمة السماء